نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقريراً كشف للمرة الأولى حالة الحداد التى تعيشها إسرائيل على زوال فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى اعتبره معظم الإسرائيليين بأنه كان "صهيونياً مخلصاً"، لأنه أفضل حليف قدم لبلادهم خدمات جليلة، وكان صمام أمان لهم خلال سنوات حكمه الطويلة.
وذكرت وسائل الإعلام العبرية، وعلى رأسها صحيفة جيروزاليم بوست، أن حكومة تل أبيب برئاسة بنيامين نتانياهو بذلت مجهودات خارقة لمساعدة مبارك فى الاحتفاظ بعرشه وعدم الإطاحة به، ولكن استمرار ثورة 25 يناير أجهضت هذه الجهود، وأصبحت إسرائيل ومواطنوها يحاولون بصعوبة نسيان مبارك، ويحاولون أيضاً التأقلم مع الوضع الجديد فى مصر الذى أصبح أمراً واقعاً بالنسبة لهم بعد نجاح الثورة.
وأشار الإعلام الإسرائيلى إلى أن الكثير من معارضى مبارك داخل وخارج مصر كانوا أيضاً يلقبونه بـ"الصهيونى" وينتقدونه بحدة، نظراً للدعم والولاء الذى حرص على إظهاره لإسرائيل طوال سنين، مع العلم بأن هذا اللقب يغضب المصريين وبعض الإسرائيليين، لأن المصريين والعرب ينظرون إلى الصهيونية ولقب "صهيونى" باعتبارها جريمة بشعة تلحق العار بصاحبها.
وتناول الإعلام العبرى، الجهود التى بذلها مبارك من أجل إسرائيل، ابتداءً من تجاهله غضب المصريين من ممارسات إسرائيل بالمنطقة، وأقام علاقات سلام رائعة مع حكوماتها المتوالية وعزز التطبيع والتعاون الاقتصادى معها، كما أنه سمح للإسرائيليين بالدخول إلى أى مكان فى مصر والاستمتاع بالسياحة فيها، وسهل علاقات ومصالح إسرائيل مع الدول العربية، وكان يحتقر من ينفذ عمليات مقاومة ضد الإسرائيليين ويصف هذه العمليات بـ"الإرهابية"، بجانب جهوده فى تحرير الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط المختطف لدى حركة حماس منذ أكثر من 3 سنوات.
ومن أجل كل هذا، كانت إسرائيل تتحسر وهى ترى مبارك يُجبر على الرحيل من منصبه، واعتبرت أن دعوة الرئيس الأمريكى له بضرورة "رحيله سريعاً" بأنها كانت "خيانة" للدولة اليهودية التى عمل مبارك جاهداً للحفاظ على أمنها، لهذا قاطع إيران وشارك فى فرض الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة بسبب مخاوف تل أبيب من حركة حماس التى اعتبرها مبارك تهديداً على حكمه إذا تحالفت مع جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
وأوضحت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن بعض الإسرائيليين يرفضون إطلاق لقب صهيونى على مبارك، لأنهم يعتبرون أنه لقب عظيم لا يستحقه إلا القليلين، ومبارك ليس من هؤلاء بسبب عجزه فى إقناع المصريين بمعاهدة "كامب ديفيد" للسلام مع تل أبيب، وفشله فى منعهم من فرض "سلام بارد" على إسرائيل، يخلو من أى عاطفة أو مشاعر.
ورغم ذلك، فإن معظم الشعب الإسرائيلى لا يزالون يقدرون مبارك بل ويحبونه، لأنه قوى علاقاته بإسرائيل، ودعم السلام معها، رغم أنه كان "سلام بارد" يرفضه المصريون ولا يعترفون به، لذلك يغفر له الإسرائيليون رفضه لزيارة بلادهم على مدار ما يقرب من 30 عاماً من حكمه لمصر، باستثناء الزيارة التى فاجأ بها تل أبيب عندما شارك فى مراسم تشييع رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين الذى قتل عام 1995 على يد أحد المتطرفين اليهود، وهى الزيارة التى لن تحتسب سواء من قبل الإسرائيليين أو من قبل مبارك نفسه.